إذا حاصرتك الأحداث المؤلمة والمآسي المتكاثرة فلا تأس كثيراً..
لا تأس كثيراً.. والأمة تعيش لحظات حاسمة من تاريخها وتتخبط بحثاً عن طريق النجاة، وهو بين يديها، وعليه نور يهدي إليه!!
¤ تعلم لماذا؟!
لأنَّ كل شيء في الحياة له وجهان، وسوف يخرج من هذا الهدير العاصف نسمات باردة جميلة تنعش زماناً إكتوى بنار الصحراء..
وسوف يطل خلف الأفق ضوء جديد يزيل سحابات سوداء إقتحمت سماء أمتنا الصامتة..
لا تأس كثيراً إذا تغيَّرت ملامح الزمن، وساءت وجوه الحياة، وتبدلت أخلاق الناس، وإختلت موازين البشر، فالشر ليس جاثماً أبداً، كما الخير ليس دائماً أبداً.
لا تأس كثيراً فإنك لست على الطريق وحدك، فهناك قلوب كثيرة تخفق بمثل مشاعرك، وأيادٍ تقرَّحت من حرِّ الجمر، ودماء ضحايا خدعتهم الأحداث والفتن، وستكتشف في الطريق لآلئ داستها أقدام عابثة لم تعرف قدرها ولم تلتفت إليها!!
لا تأس كثيراً، وحاول أن تفتح عينيك لترى الأفق من جديد، ولتكتشف تحت ضوء الشمس حقائق أكيدة وبشائر جديدة، ليست لأحد غيرك..
لا تأس كثيراً، فالحياة أقصر من أن تخنقها باليأس، أو تختزلها بالحزن، والأمة ليست بحاجة إلى دموعك وآهاتك، بقدر عملك وإنجازك.
وإن عجزت فإهرب من وحشة الناس إلى سكون السماء، ونسمات الهواء، وتغاريد الطيور، فتلك جميعها تسبح الله أكثر من لغواتك.
وأخيراً..
لا تأس كثيراً، فأنت في الدار الفانية، والأيام تزوي يوماً بعد يوم، وعمَّا قليل سترحل، لتفارق على السواء ما أحببت، وما كرهت، وما من أجله فرحت أو حزنت، لتستقبل أمرك الأعظم وخطبك الأفظع.
عندها ستعلم أنَّ سعداء السماء هم أهل اللأواء والبلاء، لكن الوجوه هناك ليست كما رأيتها في الدنيا، بل كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ*ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ}.
أسأل الله تعالى أن نكون وإياك منهم.
الكاتب: مها الجريس.
المصدر: موقع رسالة المرأة.